حكاية غريبة ذكرت في التاريخ

رواية من التاريخ تدل على حسن سيرة البرامكة في عهد العباسيين خلافاً لمن يقدح فيهم فقد يصدر الخطأ منهم كغيرهم فنقول :
روى ابن الجوزي في (المنتظم)  أن المأمون بلغه أن رجلاً يأتي كل يوم إلى قبور البرامكه فيبكي عليهم ويندبهم فبعث من جاء به فدخل عليه وقد يئس من الحياة فقال له : ويحك وما يحملك على صنيعك هذا ؟فقال : ياأمير المؤمنين إنهم أسندوا إلي معروفاً وخيراً كثيراً , فقال : وما الذي اسندوه إليك ؟ فقال : أنا المنذر بن المغيرة من أهالي دمشق , كنت بدمشق في نعمة عظيمة واسعه فزالت عني حتى أفضى بي الحال أن بعت داري ثم لم يبق لي شيء , فأشار إلي بعض أصحابي بقصد البرامكة ببغداد فأتيت أهلي وتحملت عيالي فأيت بغداد ومعي نيف وعشرون امرأة فأنزلتهن في مسجد مهجور ثم قصدت مسجداً مهجوراً اصلي فيه فدخلت مسجداً فيه جماعة لم أرى أحسن وجوهاً منهم فجلست إليهم فجعلت أدبر في نفسي كلاماً أطلب به منهم قوتاً للعيال الذين تحملتهم معي , ويمنعي من ذلك الحياء , فبينا أنا كذلك إذا بخادم دعاهم فقاموا كلهم معه وقمت معهم فدخلوا داراً عظيمة فإذا الوزير يحي بن خالد جالسٌ فيها فجلسوا معه فعقد عقد ابنته عائشة على ابن عم له ونثروا فلق المسك وبنادق العنبر .

ثم جاء الخدم غلى كل واحد من الجماعه بصينية من فضة فيها ألف دينار ومعها فتات المسك فأخذها القوم ونهضوا وبقيت أنا جالساً وبين يدي الصينية التي وضعوها لي وأنا أهاب أن آخذها من عظمتها في نفسي , فقال لي بعض الحاضرين ألا تأخذها وتذهب ؟ فمددت يدي فأخذتها فأفرغت ذهبها في جيبي وأخذت الصينية تحت إبطي وقمت وأنا خائف أن تؤخذ مني , فجعلت أتلفت والوزير ينظر إلي وأنا لاأشعر فلما بلغت الستارة أمرهم فردوني فيئست من المال , فلما رجعت قال لي : ماشأنك خائف ؟ فقصصت عليه خبري فبكى ثم قال لأولاده خذوا هذا فضموه إليكم فجاءني الخادم وأخذ مني الصينية والذهب وأقمت عندهم عشرة أيام من ولد إلى ولد وخاطري كله عند عيالي ولا يمكنني الإنصراف فلما انقضت العشرة الأيام جاءني خادم فقال : ألا تذهب إلى عيالك ؟ فقلت بلى والله فقام يمشي أمامي ولم يطني الذهب ولا الصينيه فقلت : ياليت هذا كان قبل أن يأخذ مني الصينية والذهب , ياليت عيالي راوا ذلك , فسار يمشي أمامي إلى دار لم أرى أحسن منها فدخلتها فإذا عيالي يتمرغون في الذهب والحرير فيها وقد بعثوا إلى الدار مائة ألف درهم وعشرة آلاف دينار وكتاباً فيه تمليك الدار بما فيها وكتاباً آخر فيه تمليك قريتين جليلتين , فكنت مع البرامكة في أطيب عيش .
 فلما أصيبوا أخذ مني عمرو بن مسعدة ا لقريتين وأمرني بخراجهما , فكلما لحقني فاقة قصدت دورهم وقبورهم فبكيت عليهم , فأمر المأمون برد القريتين فبكى الشيخ بكاءً شديداً , فقال المأمون ألم أستأنف بك جميلاً ؟ قال : بلى ! ولكن هو من بركة البرامكه , فقال له المأمون : امض مصاحباً فإن الوفاء مبارك ومراعاة حسن العهد والصحبة من الإيمان . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد بن ثنيان ( الجد الأكبر لعائلة الثنيان ) توثيق تاريخي

أحاديث لايعرفها الكثير من الناس

ماهو شاهين ؟ ؟ الحاسب العملاق shaheen super computer