** قاعدة في مايخصص القرآن من المخصصات **

اعلم أخي القارئ الكريم أن هناك فرق بين النسخ والتخصيص في القرآن وهذا الفرق يكمن في أن النسخ هو : "إزالة الحكم الأول بالكلية" ولأن النسخ هو بيان الزمان الذي انتهى إليه العمل بالفرض المنسوخ وأما التخصيص فليس فيه ازالة للحكم بالكليه بل يزيلان بعض الحكم الأول وليس كله وليس فيه بيان الزمان الذي انتهى إلى العمل  .
إذا عرفنا ذلك فاعلم أن القرآن إذا أتت اللفظة منه تعم ماتحتها هذا في قول الجمهور من أهل العلم  فقد ذكر الطبري صاحب التفسيرالمشهور  (جامع البيان في تأويل آي القرآن )  على أن السلف كانوا يرون أن حكم الله فيما أمر ونهى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على العموم الظاهر دون الخصوص الباطن .  إلى أن يأتي مايخصصها وقد مكي القيسي صاحب كتاب
" الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه " إلى مالك وأصحابه , وهذا كله مالم يأتي مايخصصه فيحمل عليه والذي يخصص العام من لفظ القرآن ينقسم إلى أربعة أقسام :
* الأول *  تخصيص القرآن بالقرآن :
 هو أن يخصص الآية العامة آية أخرى وذلك مثل قوله تعالى : (ولاتنكحوا المشركات حتى يؤمن . . . ) آية 221من سورة البقره فقد خصصت بقوله تعالى في سورة المائده :( والمحصنات من النساء إلا ماملكت أيمانكم . . ) الآيه أي وأحل لكم المحصنات من النساء إلا ماملكت أيمانكم .
* الثاني * تخصيص القرآن بالسنة المتواتره أو بقول الصحابي :
وذلك مثل قوله تعالى في المائده : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا . . ) الآيه بالقطع عاماّ لكل من سرق أدنى شيء من أي موضع كان ثم خصص ذلك وبين بما ثبت من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد من ذلك : من سرق ربع دينار (عيناً فأكثر أو ماقيمته ربع دينار) إذ الربع دينار في القيمة ــ قيمة ثلاثة دراهم فأكثر ــ أو سرقة ثلاثة دراهم عيناً فأكثر وهو قول جماعة من الفقهاء ومنهم مالك وغيره على اختلاف في هذه المسألة وخصصت السنة أن السرقة من حرز لاقطع فيها وأشياء كثيرة على اختلاف فيها ولا خلاف في جواز التخصيص ولكن الخلاف في التحديد لبعض المخصصات من بعض .
* الثالث * تخصيص القرآن بالإجماع :
وذلك نحو قوله تعالى في سورة النساء :( يوصيكم الله  في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين . . ) الأية فجاء هذا اللفظ عام في كل ولد عبد أو حر سواء كان على دين أبيه أو لم يكن على دين أبيه وسواء كان الأب حراً أم عبداً .
ثم أجمع المسلمون على أن الولد إذا كان عبداً لم يرث من أبيه وكذلك الأب إذا كان عبداً لم يرث من ابنه الحر فخص الإجماع هذه الآية بهذا التخصيص وصار إذا معنى الآية : يوصيكم الله في أولادكم الأحرار مثلكم للذكر مثل حظ الأنثيين .
وأما تخصيص السنة من الآيه ــ للفائده ــ أن لايرث الولد إذا كان على غير دين أبيه وكذلك الوالد لقوله صلى الله عليه وسلم : { لايتوارث أهل ملتين } وكذلك خصصت السنة من الآيه أن لايرث الولد إذا كان قاتلاً لأبيه عمداً وغير ذلك كثير ليس هذا موضعه .
* الرابع *  تخصيص القرآن بالقياس : 
وذلك مثل قوله تعالى في سورة النور : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده . . ) الآيه فأتى لفظ الآية عاماً في كل زان ٍ ثم خصصها الله تعالى بآية الإماء فقال في سورة النساء :( فإذا أحصن فإن اتين بفاحشة فعليهن نصف ماعلى المحصنات من العذاب . . ) الآيه فدل على أن الأمة لم تدخل في عموم الآية بجلد مائة ولم يجر للعبد ذكرٌ ولا حكم منصوص فقيس العبد على حكم الأمة فصار العبد خارجاً من حكم عموم آية الزاني والزانيه بالقياس بالجلد إذا زنى خمسين قياساً على الأمة التي خرج حكمها من عموم الآية بالنص فصارت آية الزاني والزانية مخصصة بنص وبقياس على النص .  .  .  .  مع أنه قد أختلف في حد العبد وأنه كان حده مائة جلده لعموم الآية ثم نسخ إلى خمسين لقوله في الإماء : (فإن أحصن فعليهن نصف ماعلى المحصنات من العذاب ) والقول الصحيح أن آية النور هذه عامة  خصصت بآية النساء التي ُذُكر فيها حد الأمة فمن أجل ذلك كان  حد العبد مقيسا وهو تخصيص للقرآن بالقياس والله تعالى أعلم وأكرم وأحكم .    

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد بن ثنيان ( الجد الأكبر لعائلة الثنيان ) توثيق تاريخي

أحاديث لايعرفها الكثير من الناس

ماهو شاهين ؟ ؟ الحاسب العملاق shaheen super computer