فتوى الشيخ ابن باز حول الجماعة المسلحة في الجزائر . . عرض وتفصيل .

سئل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز بمكة يوم 26/12/1414هـ وهو مسجّل في التوعية الإسلامية هما يأتي :
السؤال الأول :
الجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر قَّولتكم أنكم تؤيدون ماتقوم به من اغتيالات للشرطة وحمل السلاح عموماً هل هذا صحيح وما حكم فعلهم مع ذكر ماأمكن من الأدلة جزالكم الله خيراً ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد : فقد نصحنا اخواننا جميعاً ــ أعني الدعاة ــ نصحناهم أن يكونوا على علم وعلى بصيرة وأن ينصحوا الناس بالعبارات الحسة والأسلوب الحسن والموعظة الحسنة وأن يجادلوا بالتي هي أحسن عملاً بقول الله سبحانه : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن. . ) النحل آية 125   وقوله سبحانه ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم . . ) العنكبوت آية 46  فالله جل وعلا أمر العباد بالدعوة إلى الله وأرشدهم إلى الطريقة الحكيمة وهي الدعوة إلى الله بالحكمة : يعني بالعلم , قال الله , قال رسوله , وبالموعظة الحسنة ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) عند الشبهة يحصل الجدال بالتي هي أحسن والأسلوب الحسن حتى تزول الشبهة .
وإن كان أحد من الدعاة في الجزائر قال عني أنني قلت لهم : يغتالون الشرطة أو يستعملون السلاح في الدعوة إلى الله هذا غلط ليس بصحيح , بل هو كذب , إنما تكون الدعوة بالأسلوب الحسن , قال الله , قال رسوله , بالتذكير والوعظ والترغيب والترهيب هكذا الدعوة إلى الله كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة المكرمة قبل أن يكون لهم سلطان ماكانوا يدعون الناس بالسلاح , يدعون الناس بالآيات القرآنية والكلام الطيّب والإسلوب الحسن لأن هذا أقرب إلى الصلاح وأقرب إلى قبول الحق وأما الدعوة بالإغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا من سنة أصحابه لكم لما ولاه الله المدينة وانتقل إليها مهاجراً كان السلطان له في المدينة فشرع الله الجهاد وإقامة الحدود وجاهد عليه الصلاة والسلام المشركين وأقام الحدود بعدما أمر الله بذلك فالدعاة إلى الله عليهم أن يدعو إلى الله بالإسلوب الحسن بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإذ لم تُجِد الدعوة رفعوا الأمر للسلطان ونصحوا للسلطان حتى ينفَّذ . . السلطان هو الذي ينفّذ يرفعون الأمر إليه فينصحونه بأن الواجب كذا والواجب كذا حتى يحصل التعاون بين العلماء وبين الرؤساء من الملوك والأمراء ورؤساء الجمهوريات الدعاة يرفعون الأمر إليهم في الأشياء التي تحتاج إلى فعل : إلى سجن , إلى قتل , غلى إقامة حد . .  وينصحون ولاة الأمور ويوجهونهم إلى الخير بالأسلوب الحسن والكلام الطيب ولهذا قال جلا وعلا : (ولا تجادولوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم .  . ) العنكبوت آية 46   فلو ظلم أحد من أهل الكتاب أو غيرهم فعلى ولي الأمر أن يعامله بما يستحق , أما الدعاة إلى الله فعليهم بالرفق والحكمة لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " إن الرفق لايكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه "  رواه مسلم  , ويقول عليه الصلاة والسلام : " من يحرم الرفق يحرم الخير كله " .

فعليهم أن يعظوا الناس ويذكروهم بالآيات والأحاديث ومن كان عنده شبهة يجادلونه بالتي هي أحسن : الآية معناها كذا , الحديث معناه كذا , قال الله كذا , قال رسوله كذا , حتى تزول الشبهة وحتى يظهر الحق .
هذا هو الوا جب على اخواننا في الجزائر وفي غيرالجزائر ,  فالواجب عليهم أن يسلكوا مسلك الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين كان في مكة والصحابة كذلك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن لأن السلطة ليست لهم . . لغيرهم . . وعليهم أن يناصحوا السلطان والمسؤولين بالحكمة والكلام الطيب والزيارات بالنيت الطيبة حتى يتعاونوا على إقامة أمر الله في أرض الله , وحتى يتعاون الجميع في ردع المجرم وإقامة الحق , فالأمراء والرؤساء عليهم التنفيذ والعلماء والدعاة إلى الله عليهم النصيحة والبلاغ والبيان نسأل الله للجميع الهداية . انتهى
السؤال الثاني :
قامت الجماعة الإسلامية المسلحة بتهديد ائمة وزارة الشؤون الدينية بالجزائر الذين لايصرِّحون ــ بسبب الحكام ــ على المنابر , إما توقيف صلاة الجماعة والجمعة وإما القتل بحجة أنه موظف لدى الطواغيت ـ يقصدون الحكام ــ وقد نفذوا القتل في مجموعة من الأئمة الذي لم يستجيبوا لهم , كما تعطلت صلاة الجماعة في بعض المدن فما حكم هذا الفعل ؟
الجواب :
 " مايصلح هذا !! هذا أيضاً غلط . . هذا مايصلح !! الواجب على الدعاة أن ينصحوا الناس بالكلام الطيب . . ينصحوا الخطباء وينصحوا الأئمة حتى يستعملوا ماشرع الله  , أما سب الأمراء على المنابر فليس من العلاج , فالعلاج الدعاء لهم بالهداية والتوفيق وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة أو يبدلهم بخير منهم إذا أبوا . . أن يصلحهم أو يبدلهم بخير منهم . . أما سبهم ولعنهم أو سب الشرطة أو لعنهم أو ضربهم أو ضرب الخطباء كل هذا ليس من الإسلام , الواجب النصيحة والبلاغ والبيان قال الله جل وعلا : (هذا بلاغ للناس) سورة ابراهيم آية 52   فالقرآن بلاغ والسنة بلاغ  قال جل وعلا (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ . . ) سورة الأنعام آية 19    قال جل وعلا : (وأنذر الناس ) سورة ابراهيم آية 44   وقال تعالى : (إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل ) سورة هود 12   .
فالعلماء هم خلفاء الرسل ينذرون الناس ويحذرونهم من عقاب الله ويرشدونهم إلى طاعة الله ويأمرونهم بتقوى الله ويحذرونهم من معاصي الله وينصحون ولاة الأمور من الأمراء وغيرهم , ينصحونهم , يوجهونهم , إلى الخير ويدعون لهم بالهداية , لأن هذا أقرب إلى النجاح وأقرب إلى الخير حتى تننشر الدعوة , وحتى يتفقه الناس في الدين وحتى يتعلموا أحكام الله .
أما عوملوا بالضرب أو بالوعيد للخطباء وغيرهم كان هذا من أسباب ظهور الشر وكثرة الشر وقلة الخير . . لاحول ولا قوة إلا بالله !!! نعم .
السؤال الثالث :
كما قامت هذه الجماعة بقتل بعض النساء اللائي أبين ارتداء الحجاب فهل يسوغ لهم هذا ؟
الجواب :
 " هذا أيضاً غلط !!! لايسوغ لهم هذا !! الواجب النصيحة للنساء حتى يحتجبن , والنصيحة لمن ترك الصلاة حتى يصلي , والنصيحة لمن يأكل الربا حتى يدع الربا , والنصيحة لمن يتعاطى الزنا حتى يدع الزنا والنصيحة لمن يتعاطى شرب الخمر حتى يدع شرب الخمر , كلٌ ينصح , ينصحون , قال الله , وقال رسوله , بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية , ويحذرونهم من عضب الله ومن عذاب يوم القيامة .
أما الضرب أو القتل أو غير ذلك من أنواع الأذى فلا يصلح للدعاة , هذا ينفر من الدعوة , ولكن على الدعاة أن يتحلوا بالحلم والصبر والتحمّل والكلام الطيب في المساجد وفي غيرها , حتى يكثر أهل الخير ويقل أهل الشر حتى ينتفع الناس بالدعوة ويستجيبوا "   .
السؤال الأخير :
ياشيخ !  سؤال أخير ــ بارك الله فيكم ــ لعل بعض الأخوة ممن يميل إلى السلفية ويحب العلماء , يصغي إلى كلام العلماء , فماذا تنصحون من تورّط في هذه الإغتيالات أو شئ من هذا ياشيخ ؟
الجواب :
" أنصحهم بالتوبة إلى الله , وأن يلتزموا الطريقة التي سار عليها السلف الصالح بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة , والجدال بالتي هي أحسن , الله يقول : (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً . . ) سورة فصلت آية 33    فلا يورطون أنفسهم في أعمال تسبب التضييق على الدعوة وإيذاء الدعاة وقلة العلم , لكن إذا كانت الدعوة بالكلام الطيب والاسلوب الحسن كثُر الدعاة وانتفع الناس بهم وسمعوا كلامهم واستفادوا منهم , وحصل في المساجد وفي غير المساجد الحلقات العلمية والمواعظ الكثيرة حتى ينتفع الناس .
الله يهدي الجميع , نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق " . انتهى
الإستنتاجات من هذه الفتوى :
* أن الفتوى هذه عامة لجميع الأقطار العربية والإسلامية حيث قال الشيخ : فالواجب على اخواننا في الجزائر وفي غير الجزائر .
* أن الفتوى موجهة لكل من اتخذ من العنف وسيلة لفرض الرأي على الغير وحمل السلاح عليه حتى لو كان الغير مخطئاً مادام أنه لايصل خطئه للكفر البواح ومن شاء فليراجع مقالاً في ضابط الكفر البواح من خلال الرابط الآتي :
* أنه بالرفق وبالإقناع وبالنصيحة يُقطع المشوار ويُوصل إلى الهدف بأسرع وقت ممكن , هذا مالايتأتى بالقوة والحديد والنار فاعتبروا ياأولي الألباب .
* أن في حكم الله لاتزر وازرة وزر أخرى ولا يؤاخذ رجل بذنب غيره وهذا ماقامت به الجماعة المسلحة هداهم الله للحق وأزاح عنهم ظلمات الباطل والشبهة فإنهم قتلوا من قتلوا من الأئمة وخطباء الجوامع بسبب خطيئة الغير , فلا يحل قتله حتى لو رفض التوقف عن الخطبة لأنه مسؤول عن عمله وموظفٌ من قبل السلطان فواجب عليه السماع لسلطانه المسلم والإمتثال لأمره , وهو لم يأمره بمعصية
والذي يهدد ــ إن جاز تهديده ــ السلطان , مع حرمة ذلك فلا يحل تهديده وتوعّده أبداً ولو بلغ في الظلم كل مبلغ مادام أنه يقيم الصلاة . والله أعلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمد بن ثنيان ( الجد الأكبر لعائلة الثنيان ) توثيق تاريخي

أحاديث لايعرفها الكثير من الناس

ماهو شاهين ؟ ؟ الحاسب العملاق shaheen super computer